Tuesday, June 12, 2012

استدعى المعز وهو بالمنصورية في يوم شات باردة الريح عدة شيوخ من شيوخ كتامة


روى المقريزى قال

واستدعى المعز وهو بالمنصورية في يوم شات باردة الريح عدة شيوخ من شيوخ كتامة، وأمر بادخالهم إليه من غير الباب الذي جرى الرسم به، فإذا هو في مجلس مربع كبير مفروش باللبود على مطارح، وحوله كساء، وعليه جبة، وحواليه أبواب مفتحة تفضى إلى خزائن كتب، وبين يديه مرفع ودواة، وكتب حواليه، فقال: يا إخواننا: أصبحت اليوم في مثل هذا الشتاء والبرد، فقلت لأم الأمراء وإنها الآن بحيث تسمع كلامي : أترى إخواننا يظنون أنا في مثل هذا اليوم نأكل ونشرب ونتقلب في المثقل والديباج والحرير والفنك والسمور والمسك والخمر والغناء كما يفعل أرباب الدنيا ؟! ثم رأيت أن أنفذ إليكم فأحضركم لتشاهدوا حالي إذا خلوت دونكم واحتجبت عنكم، وأني لا أفضلكم في أحوالكم إلا فيما لا بد لي منه من دنياكم، وبما خصني الله به من إمامتكم، وأني مشغول بكتب ترد على من المشرق والمغرب أجيب عنها بخطى، وأني لا أشتغل بشيء من ملاذ الدنيا إلا بما صان أرواحكم، وعمر بلادكم، وأذل أعداءكم، وقمع أضدادكم. فافعلوا يا شيوخ في خلوتكم مثل ما أفعله، ولا تظهروا التجبر والتكبر، فينزع الله النعمة عنكم، وينقلها إلى غيركم، وتحننوا على من وراءكم ممن لا يصل إلي كتحنني عليكم، ليتصل في الناس الجميل، ويكثر الخير، وينتشر العدل.

وأقبلوا بعدها على نسائكم، والزموا الواحدة التي تكون لكم، ولا تشرهوا إلى التكثير منهن، والرغبة فيهن، فيتنغص عيشكم، وتعود المضرة عليكم، وتنهكوا أبدانكم، وتذهب قوتكم، وتضعف نحايزكم؛ فحسب الرجل الواحد الواحدة، ونحن محتاجون إلى نصرتكم بأبدانكم وعقولكم.

واعلموا أنكم إذا لزمتم ما آمركم به رجوت أن يقرب الله علينا أمر المشرق كما قرب أمر المغرب بكم. انهضوا رحمكم الله ونصركم.

المصدر: اتعاظ الحنفاء للمقريزى

No comments:

Post a Comment